Fourni par Blogger.

Translate

المتابعون

Send Quick Massage

Nom

E-mail *

Message *

vendredi 19 décembre 2014

قراءة أولية فى المقاربة الدينية: لإيميل دوركايم


        قراءة أولية فى المقاربة الدينية: "لإيميل دوركايم" 



يعتبر دوركايم احد اهم علماء الاجتماع اللذين قاموا بدراسة ابعاد الدين فى المجتمع حيث اعتبره ظاهرة كباقي الظواهر الاجتماعية ; كما اعتبر ان تعريف هذه الظاهرة من اصعب الوظائف التى يمكن ان ينتذب عالم الاجتماع نفسه للقيام بها وذلك لتعدد الممارسات الدينية وكثرتها .
وقد انتقد بعض التعريفات السابقة لدين كتعريف تايلر " الايمان بكائنات روحية او حية " وماكس موللر " محاولة تصور ما لا يمكن تصوره ; عما لايمكن التعبير عنه ; هو التطلع الى اللانهائي وهو حب الله "فدوركايم انتقد هذين التعريفين على اعتبار انهما يحللان الدين بارجاع مصدره الى الاله وهو مايتنافى مع الفكرة التى يريد ان يقررها فى ان ارجاع الدين الى اله يعيق ايجاد بديل يحقق التماسك الاجتماعي فى المجتمع الحديث ; لذا يرى انه لايمكن تعريف الدين وفق هذه الفكرة فقط وقد عرفه اي الدين كالتالي " هو نسق من المعتقدات والممارسات متصل بالاشياء المقدسة ومعزول عن الوسط الدنيوي اي محاط بشتى انواع التحريم وهذه المعتقدات والممارسات تجمع كل المومنين بها فى جماعة اخلاقية واحدة تسمى الكنيسة "
وقد قام دوركايم بدراسة الدين فى اكثر المجتمعات بدائية (استراليا ) لان معتقداتهم الدينية بسيطة يمكن اكتشاف اجزائها اضافة الى انه لايتغلغل فى البناء الاجتماعي وعمم مفهوم الاله عند المجتمع البدائي على مجمل الفكرة الدينية فاعتبر ان الظاهرة الدينية هى خضوع للمجتمع او للافراد اللذين اسسوا الدين " الضمير الجمعي " وان عبادة الالهة ليست سوى اسقاطات لسلطة المجتمع وقوته وتوصل الى ان الدين من صنع المجتمع ونفى فكرة الاله واعتقد ان المقصد من الدين هو الحفاظ على التماسك الاجتماعي من خلال الانظباط والاحتفالات الدينية التى تجمع الناس اما فى المجتمع الحديث  فان التماسك الاجتماعي ينبغى ان يتحقق عبر بدائل عقلانية مثل الوعي الاجتماعي او القوانين الاخلاقية و الوحدة السياسية .
هذا و عالج دوركايم الظاهرة الدينية من خلال نظرية الطوطم وهو اسم ماخود من لغة الهنود الحمر فى امريكا الشمالية حيث يعتبر اسم لنوع من النبات او الحيوان تعتبره العشيرة رمزها او شعارها وتعتقد انها متصلة به وتشاركه خصائصه وصفاته وعليها حمايته . مثلا اذا كان طوطم العشيرة نسرا فان الفرد سيعتقد بانه يتميز بقوة الابصار مثل طوطمه النسر وعليه ان يحمى النسور ولا يقوم بدبحهم او تناول لحومهم .
وينقسم الطوطم الى اربعة انواع:
طوطم العام او طوطم الاتحاد : وهو طوطم عام تتحد حوله مختلف العشائر فى المجتمع الواحد وهو العلم الذي يحمل فى القتال ويدافعون عنه ويضعون على رؤوسهم بعضا من اجزائه واعضائه.
طوطم العشيرة : لكل عشيرة طوطمها الخاص .
طوطم الخاص بالفرد: يوجد لكل فرد فى العشيرة طوطم خاص به
طوطم الجنسي : وهو خاص اما بالرجال او النساء.
وتجد الاشارة الى ان الفرق بين طوطم العشيرة و طوطم الفردي ان الاول جمعي و وراثي والثاني فردي واختياري.
ومن خلال دراسته لطوطم توصل دور كايم الى بناء فكري نظري تتجلى اهم نتائجه فى ان العلاقات بين الافراد فى المجتمع البدائي تتم على اساس اشتراكه فى الاسم والرمز الطوطمي وليس على المعاشرة او صلة الدم .
الطوطم دليل على الاقرار بوجود علاقات حميمية بين مجموعات بشرية معينة وهذا الاقرار يفضي الى نوع من التقسيم الاجتماعي الى طوائف ; والى خلق طقوس خاصة بكل طائفة هذا من شانه ان يربط طائفة باخرى لها شبه او تقارب فى الطوطم .
من لا ينتمون الى العشيرة يمكن ان ياكلوا من الطوطم بحرية بعكس من ينتمون اليها اي العشيرة فهي تعتبره محرما وتاكل منه بتقتير شديد حتى عندما تسمح مناسبة الوجبة المقدسة الدورية بذالك .
لكل طوطم محسوس صورة رمزية وغيبية تدعى المانا mana وهو مصطلح ماخود من قبيلة ميلانزيا فى جزر المحيط الهادئ وقد عرفها دوركايم بانها الاحساس بقوة غيبية طاغية موجودة فى كل الموجودات والاشخاص دون ان تختلط بها وهي اسبق من الموجودات وباقية بعدها.
وهذه القوة الخفية تعمل بذاتها وبحرية تامة وتنتقل من الاشياء الى الانسان او العكس ,ويمكن ان تعتبر المانا هي الاله الذى تتجه اليه العشيرة بالقرابين والطقوس عن طريق عبادة شكله الخارجي " الطوطم " بالتالي فتقديس الانسان البدائي لطوطم هو تعظيم لقوة المانا .
تعظيم الطوطم يوقظ المشاعر المتشابهة بين المومنين فى العشيرة الواحدة وهذه المشاعر تشكل الطبيعة المقدسة لطوطم .
تتجلى مشاعر المومنين بالطوطم فى الاحتفالات التى تمنح القوة الخارقة للفرد وتبن له وجود عالمين غير متجانسين عالم الرتابة اي العالم الدنيوى والعالم المقدس .
يتم دخول البدائي الى العالم المقدس عن طريق مجموعة من الطقوس والاحتفالات الصاخبة كالرقص والصراخ و تتولد الفكرة الدينية لدى البدائي من تقديس الطوطم الذي ينتمى اليه ويحتفل به وهو بذلك يقدس قوة المجتمع الذي اقر بالطوطم وشرع الاحتفال به , ومن ثم فان الفكرة الدينية حسب دور كايم وليدة المجتمع وليس الطوطم او الاله كما يعتقد البدائي وغيره من المتدينين قديما وحديثا .
واثناء دراسته لظاهرة الدينية استخدم دوركايم بعض المصطلحات كالمقدس والمدنس والضمير الجمعي.
المقدس: يقصد بها الاشياء التى تحضى بالاحترام وتخضع لحماية الدين ولا يحق انتهاكها او الخروج عليها. ودائرة الاشياء المقدسة تتغير بشكل كبير تبعا للاديان .
المدنس: يشتمل على كل جوانب الحياة اليومية العامة النفعية والدنيوية .
الضمير الجمعي: وهو مصدر الدين وياتي من المجتمع وفى الحالة التى درسها دوركايم هذا يعنى ان العشيرة هى المصدر المطلق للدين و هى تخلق الطوطم من خلال الانفعال الجمعي وهو لم يوضحه  جيدا فى كتاب الاشكال الاولية للحياة الدينية لكن ما يمكن استخلاصه ان الانفعال الجمعي هو اللحظات الكبرى فى التاريخ التى امكن فيها للجماعة تحقيق تغيرات كبرى فى بنية المجتمع كالاصلاح الديني وعصر النهضة فى اوربا , حيث تعتبر نماذج لفترات تاريخية كان فيها للانفعال الجمعي اثر مشهود على بنية المجتمع .
وقبل الختام يمكن ان نشير الى التميز الذى وضعه دوركايم بين الدين والسحر فان كان هذا الاخير مجموعة من الطرق الغير عقلانية من وجهة نظر العلم والتى من خلالها يبحث الافراد للوصل او لتجنب بعض نتائج نشاطاتهم فانها لم تستطع انتاج مؤسسات مثل الكنيسة بل اكتفت بانتاج علاقات بين الساحر وزبونه على عكس الدين الذى استطاع انتاج مؤسسات وتنظيمات .
وهكذا حاول دوركايم ان يقدم لنا تحليلا دقيقا لصور ومصادر وطبيعة واثار الدين وحاول ايضا ان يبحث عن اصله وذلك من خلال تحليله لاكثر المجتمعات بدائية من خلال نظرية الطوطم ومع ذلك واجه مجموعة من الانتقادات تجلت ابرزها فى كون الطوطمية ماهي الا نظام اجتماعي فقط. اي لا دليل على ان الطوطمية هي اقدم ديانة بشرية او انها مصدر الدين البدائي ,كما توصل بعض الباحثين الى ان قبائل استراليا الجنوبية اقدم من القبائل التى قام دوركايم بدراستها وهى لا تعتقد بالطوطم بل تعتقد باله واحد , كل هذه الانتقادات جعلتنا نتساءل ونحن فى عصرنا الحديث بعد مرور حولي قرن ونصف من الزمن على كتاب الاشكال الاولية للحياة الدينية ومع كل ما شهده العالم من تغيرات منذ ذلك الوقت هل الافكار التى تطرح فى هذا الكتاب يمكن اسقاطها على عصرنا الحاضر وهل الدين اليوم يحضى بنفس الاهمية التى كان يحضى بها بالامس؟وهل يمكن تخيل مجتمع بدون دين ؟ اخيرا هل هناك بديل عقلي للدين يؤدي نفس وظيفة الدين فى المجتمع ويحقق التماسك الاجتماعي ؟.

Aucun commentaire:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2013 نبرات فكرية ثقافية