Fourni par Blogger.

Translate

المتابعون

Send Quick Massage

Nom

E-mail *

Message *

samedi 20 décembre 2014

هكذا تحاور بورديو ...


"هكذا تحاور بورديو ..."


مقدمة:

إن السوسيولوجيا تتأسس علميا و موضوعيا على ” الإجتماعي” . هذا الأساس الذي ترتكز عليه في حركة ذهاب و إياب بين العدة النظرية و المعطيات الميدانية , حيث أنها لا تفصل بينهما فكلاهما يكمل الآخر.

و الحال أن العدة النظرية بدون ميدان – تعتمل فيه الوقائع و الظواهر الإجتماعية- عمياء, و الواقع بدون عدة نظرية أجوف.
لذلك فالسوسيولوجيا ممارسة ميدانية بامتياز, تقتضي عملية الهدم و البناء مع المحافظة على الصرامة و الدقة العلميتين و خصوصية الواقع.

غير أن السوسيولوجيا لا تدعي لنفسها الفهم الدوغمائي و النهائي للتجربة الحقلية , و بالتالي فهي قادرة على طرح بديل للهشاشة و الأعطاب المجتمعية . بقدر ما تضع نفسها على عتبة الفهم , فهي مجرد خطوة أولى على طريق الفهم و التفسير.
تحاول مقاربة الفعل الإجتماعي و اكتشاف الثابث و المتحول داخل المجتمع عبر استدماج و استلهام فهم خاص للممارسة السوسيولوجية.
إلا أن بلوغ هذا المرمى يقتضي خارطة طريق يتتبعها عالم الإجتماع حتى يتمكن من ملامسة المعنى و استقرائه دون السقوط في الذاتية و الرضوخ للإجابات الجاهزة , فمهمة عالم الإجتماع – على حد قول بورديو- هي تفجير السؤال النقدي عبر التمكن من منطق العلاقات و الأدوار و المؤسسات المجتمعية و إضفاء معنى منطقي على تحولاتها و ثباثها .

و لعل أسلوب الحوار يظل أحد المقاربات المشترطة في عالم الإجتماع حتى يستطيع فهم الجماعات الإنسانية في صيغ انوجادها و تشكلاتها و صيغ ارتباط الفرد بها . يشير إميل دوركهايم في كتابه ” قواعد المنهج الإجتماعي” على أن الإجتماعي لا يمكن تفسيره إلا بالإجتماعي . فالحوار و المساءلة يظلان المورد الأساس الذي يعطي للسوسيولوجيا المعنى و المبنى المعرفي .

فهل باستطاعة عالم الإجتماع إصاخة السمع و التقاط تفاصيل التفاصيل عبر أسلوب الحوار؟ بل ما هي شروط الحوار و أدواته أولا؟ و كيف يرى العلاقة بينه و بين المستجوب؟ و هل باستطاعته القطع مع الحس المشترك و مع الخيميائي الذي يسكنه؟ و ما المعايير و المبادئ التي يستند عليها التحقيق و الحوار السوسيولوجيين؟ ألا يحمل الحوار في حد ذاته عنفا رمزيا اتجاه المستجوب خصوصا و أن كل سؤال ينبش في ذاكرة المستجوب الخاصة؟

أسلوب في الحوار

في كتابه ” بؤس العالم” la misère du monde عن منشورات ” لوسوي ” le Seuil بباريس و هو كتاب ضخم و مرجع سوسيولوجي أثير لا غنى عنه في قارة السوسيولوجيا عمد بيير بورديو و آخرون – ما ينيف على عشرين باحثا اجتماعيا- في أحد أهم فصول الكتاب إلى اعتماد أسلوب الحوار و التحقيق مع مختلف الشرائح الإجتماعية الفرنسية حتى يتمكن من تحديد مظاهر العسر التي يعاني منها المجتمع في فرنسا بمختلف مكوناته البشرية -حتى المهاجرين منهم و الأجانب- .

قضى بيير بورديو عقودا عديدة في إجراء حوارات و تحقيقات سوسيولوجية , منهجسا بمعرفة تفجير السؤال النقدي لفهم و تعرية الظاهرة الإجتماعية , يشرح و يفكك النسق العام بعيدا عن الوصفات الجاهزة و الركون إلى المقاربات الكسولة . فولدت لديه هذه العقود خلاصة مفادها أن الممارسة السوسيولوجية يجب أن تكون على أعلى مستوى من الحذر و الإحتياط من مغبة الوقوع في المعرفة المعدة و المطبوخة سلفا أو الإنصهار العاطفي و الشعوري بين مجري الحوار و المجرى معه الحوار خصوصا و أن الباحث يثقل كاهله العبء الرمزي الذي يمارسه عليه التاريخ , فهو ينتج تاريخه ببحثه المضني عن الهوية و الإنتماء , و هو بذلك لا محالة ساقط في لعبة التاريخ و التأريخ .

و الجدير بالذكر أن ثمة علاقة تقوم أثناء الإستجواب بين المستجوب و المستجوب . هذه العلاقة التي لا يمكن توقع مجراها و لا نتائجها , فهي تمثل حقل تأثير و تأثر بين سوسيولوجي ليس بالضرورة مصلحا اجتماعيا و لا ينفعل وجدانيا مع ظاهرة العسر و العطب الإجتماعي , يدرس الحقل بحذر إبستمولوجي كبير و بحياد و برود كبيرين , و بين مستجوب يعيش الأزمة تتعالى زفراته و سخطه . أتراه قادرا على التعبير عما يعتمل داخله ؟ وهل بمقدوره الكشف عن ذلك و التعبير عنه بشكل يمكن المحقق من فهم وتحليل الظاهرة ؟
أم سيفضل الصمت لأن هناك أسبابا خفية قد تمنعه من قبل الخصوصية أو الخوف من الآخر أو فوبيا تعرية الذات إلى غير تلك من الأسباب المعقدة و المتعددة بتعدد المستجوبين ؟

كل هذه الإلتواءات و المطبات الفكرية و الميدانية المعقدة دفعت ببورديو إلى إقامة مقاربة معرفية علمية لا علموية مادتها احتياطات منهجية و علمية و عدتها البراديغم السوسيولوجي الصارم .
هذا الأخير الذي يعبد الطريق الملكي نحو الفهم , فمهمة المحاور- الباحث السوسيولوجي- مهمة نضالية لا تقتنع بالحوارات الكسولة و المطمئنة و لا تقف عند حدود الجاهز و اليقيني .

و تجدر الإشارة إلى أن أول قاعدة اشترط بيير يورديو أن تتوفر لدى الباحث السوسيولوجي القائم بالمحاورة أو التحقيق تتمثل فيما أسماه بالإنعكاسية Réflexivité , و التي تقضي بأن يمارس قواعد حرفته و مبادئها القيمية على عمله نفسه . وشدد على ضرورة تحليله لعمله و خطابه و نشاطه تحليلا انعكاسيا ) ذاتيا (. و بعبارة أخرى عليه أن يستعمل حواراته و تحقيقاته و ما توصل إليه ليغربل دوره و ليكشف العوامل الناتجة عن تاريخه الشخصي و تطبعه و التي قد تؤثر على ممارسته العلمية و تشوش رؤيته للمجتمع . ولذلك أصبح مفهوم الإنعكاسية في نظر بورديو شرطا أساسيا لكل عمل نزيه و موضوعي في مجال العلوم الإجتماعية . و الحال أن هذا الشرط من شأنه ان يخلق لدى الباحث السوسيولوجي نوعا من ردة الفعل الدائمة و الحاضرة المؤسسة على تمرس مهني و على عين سوسيوبوجية ثالثة تكشف ما هو مخفي و ليس ما هو ماثل أمامه , تتيح له إمكانية السيطرة على مجريات الحوار و على البنية الإجتماعية التي ينشدها الباحث و يتحقق في حقلها الحوار المرغوب المفضي إلى تحليل اجتماعي عميق لدلالات الاجابات .

فكيف باستطاعة الباحث السوسيولوجي إذن تطبيق باراديغمه الصارم على عمله نفسه؟ و ما السبيل إلى بناء حوار بعيد عن كل المؤثرات التي تحول دون الفهم الكامل للعطب و مظاهر العسر؟

كما أسلفنا الذكر تنشأ ثمة علاقة بين المستجوب و المستجوب , هذه الأخيرة التي تطرح أكثر من علامة استفهام , إذ تترك لا محالة آثارا على المستجوب و على رؤيته الشخصية للحوار في عموميته , جدواه و ضرورته . خصوصا و أن الحوار أو التحقيق المراد إنجازه لكشف مكامن العطب و العسر اللذين يعاني منهما غالبا ما يعتبره تسللا إلى عالمه الشخصي.
و الحال أن الباحث هو الذي يعمل على مد جسر التحقيق و الحوار متخذا في ذلك البناء قواعده الخاصة و كيفيات حواره بشكل أحادي دون تفاوض مسبق و معلن بين الطرفين , مما يشكل تجاوزا أو عنفا رمزيا قد يمارس على المستجوب .

و لعل اختلاف المستوى الثقافي و اللغوي – الرساميل الرمزية- و المكانة الإجتماعية أو المهنية المتميزة التي قد يشغلها المحاور تزيد من صعوبة عمله كباحث سوسيولوجي .
لذلك صار لزاما عليه إصاخة السمع الممنهج و الفعال و الإنصات لدقائق الأمور لفهم منطقها الداخلي و لإعطائها المعنى المفترض بعيدا عن عفوية الحوار غير الموجه و عن التسلط و الإعداد المسبق للأجوبة و التي غالبا ما يحيل المحاور المحاور عليها بشكل من الأشكال و كأنه بذلك يضعها له في فمه عبر أسئلة موجهة و مقدمة سلفا تحمل في ثناياها الجواب ذاته.

ووعيا من الباحث السوسيولوجي بأهمية الحوار و دوره في الكشف عن المخفي المجسد للعطب الإجتماعي , يرى بورديو أن المحاور عليه أن يلم بالوضع الكلي للتحقيق و المحاورة عبر محاولة الدخول إلى عالم المستجوب بتبني لغته و خطابه و تاريخه الخاص إن أمكن , مما يمكن من إحداث نوع من التكيف Adaptation يقحم المحاور في وجهات نظر و مشاعر و أفكار المحاور.
إن الباحث السوسيولوجي مدعو الآن إلى تعديل ممتلكاته اللغوية و الرمزية بشكل يمتزج و ممتلكات المستجوب . و من هنا يطرح بورديو سؤالا و مهما و أساسيا , من يحاور من؟

و للإجابة على هذا السؤال طلب بورديو من العاملين إجراء الحوارأو التحقيق مع أناس يعرفونهم هم أنفسهم من قبل . فلنعكس الصورة لنتلمس الحقيقة . فلنتصور جدلا أن باحثا سوسيولوجيا فرنسيا قام بهذا التحقيق مع مستجوب من المهاجرين العرب مثلا , و أن هذا الأخير تختلف ممتلكاته اللغوية و الرمزية كليا أو جزئيا عن ممتلكات المستجوب -علما أن كل الباحثين أجمعوا على أن حصر انتباه المحاور باستمرار و جرد المعلومات و الأجوبة التي قد تكون متسرعة, مزيفة, غامضة… من الصعوبة بما كان- ترى هل ثمة فرصة كاملة وسانحة لإجراء الحوار عبر قناة غير مشفرة , بمعنى أن الباحث سوف لن يجد أدنى صعوبة في استصغاء زفرات وآهات و تعابير و لغة المحاور على اختلاف الممتلكات ؟ يبدو أن المهمة هنا تبدو صعبة.

من هنا تطفو عبقرية بورديو على سطح الممارسة السوسيولوجية حيث أوكل محاورة العمال العرب و أبناءهم مثلا لباحثين اجتماعيين مغاربيين يعيشون في الحي نفسه , و تربطهم علاقات جوار أو صداقة تمتد لسنوات . هذا التقارب يجعل المحاور يتكلم بأريحية و بدقة لأن المستجوب منحه قبلا و بعدا تلك الضمانة على عدم تعرية البواعث الذاتية و الشخصية للمحاور. مما يجعل الطرفان على وفاق و تلاؤم يعطي لكل جزئيات الحوار أهمية بالغة من قبيل العلامات اللفظية , الإشارات , الأخطاء اللغوية , تعابير الوجه… وهذا كله يساعد إلى درجة كبيرة في دراسة الأجوبة و تفاصيلها عند الفراغ من الحوار.

و الحال أن المستجوب يجد نفسه منخرطا بشكل طواعي في الحوار باعتباره عاملا أثيرا في عملية البناء النظري لبداية و نهاية التحقيق . فالحوار الناجح في نظر بورديو هو الذي يتكون عير سلسلة من الحوارات المضنية المقيدة بالبراديغم الصارم , و ليس ذاك الذي يتسارع البعض إلى إنجازه عبر لقاء أو إثنين ظانين أن الحظ حالفهم من أول وهلة .
بعد ذلك تأتي الخطوة التالية حيث يتم تسجيل الحوار و تحريره , و هنا تبرز حنكة و حرفية بورديو في التوثيق . فالرجل كان يؤمن بالكتابة , بل و حتى الكتابة التي تسجل الإنفعالات و الأحاسيس و الإيماءات … ذلك كله لتوفير أعلى شروط المقروئية الممكنة للتحقيق السوسيولوجي باعتباره لحظة تواصل أصيلة .

خاتمة :

إن الباحث السوسيولوجي يفترض فيه أن ينشئ سلسلة حوارات تواصلية دون مطبات أو عوائق . عبر وضعيات بعيدة عن تفاوت الممتلكات اللغوية و الرمزية , وضعيات تسمح للمستجوب بالتعبير عن مظاهر العطب و العسر و الخلل الذي يعاني منه داخل المجتمع , وضعيات مشجعة على انبثاق حوار استثنائي و فعال. آنذاك يمكن أن نتحدث عن انعقاده انعقادا سليما يمكننا من اعادة اكتشاف “الحقيقة” الاجتماعية من منابعها الاصلية ومن أصولها التي ترجع اليها باستمرار من دون زيف أو تحوير .





بقلم : بلوح إبراهيم


تأملات سوسيولوجية في ظاهرة "التشرميل"


تأملات سوسيولوجية في ظاهرة "التشرميل" 

كي نقترب من سلوك ما يسمى "بالتشرميل" يجب أن نفهمه في سياق التحولات القيمية التي تجتاح مجتمعاتنا العربية والمغرب واحد منها، وعلى رأسها فئة الشباب والمراهقين، فالجيل الحالي من الشباب، تشبع بثقافة جديدة عنوانها هو التعبير عن الذات، والانحلال من كل القيود المجتمعية والقيمية التي أطرت الأجيال السابقة، وقد غذى هذه الموجة، الأجواء المساعدة على الحرية التعبيرية والمظهرية والفنية والرياضية وغيرها، في ظل تراجع دور المؤسسات الاجتماعية التقليدية.
وقد تزامن كل ذلك، بالفورة التكنولوجية الخطيرة، التي نجدها في الشبكات الاجتماعية، والتي بدأت تشكل مجالا للتعبير "المعقول وغير المعقول" عن هواجس ومكنونات مكبوتة يعيشها الجيل الحالي في ظل فراغ قيمي قاتل، وهو ما يظهر في سلوكيات "التشرميل"، التي لا نستطيع أن نقول عنها إنها "ظاهرة مجتمعية" فهي لا تمتلك خصائص الظاهرة، كما ندرسها في السوسيولوجيا، لكنها تؤشر على تحول في منظومة القيم، وهي أيضا مؤشر على بوادر بروز الظاهرة.

من جهة أخرى، يمكن أن نفهم أن هذه السلوكات، بربطها بظاهرة المجتمع الاستهلاكي، والذي يعني الارتماء في الإشباع في نمط العيش إلى حد اللاعقلانية، ولهذا هناك توجه عالمي يتسم بارتفاع في الإشباع في عالم-الحياة mode de vie ، غذه بطبيعة الحال ارتفاع الاستهلاك في وسائل الإعلام الجماهيرية، كما أن التقنيات الجديدة للتواصل وتكنولوجيا الاتصال فتحت فرصا غير مسبوقة، للتماهي مع منتجات السوق، في شكلها السوي وغير السوي.
إن هذا السلوكات تنبئ عن بروز قيم لم تكن معروفة في السابق، كقيم الاستهلاك المفرطة، والتي تختلف عن الاستهلاك الذي كان سائدا في الماضي، فقد أصبح الاستهلاك بدون هدف وبدون معنى، فإذا كان في السابق، محددا بغاية وبهدف، فإنه حاليا، في ظل التدفق الكثيف لوسائل الإعلام وللإشهار الزائد عن الحد، أصبحت قيم الاستهلاك "نمط في الحياة" « live style »، فالإنسان المغربي(طبعا بدون أن نعمم)، أصبح يلهث وراء المال، ووراء البحث عن الطريف والجديد والصارخ والمتفرد، فبدأ ينغمس في العوالم الافتراضية الوهمية بحثا عن التسلية الواهية، فيحصل له التبدد ثم الضياع.

وقد لا يحقق الأفراد، خصوصا المعدمون منهم إشباعا في هذه القيم الاستهلاكية، مما يخلق لهم انفصامات وتوترات وانكسارات عميقة المدى، مما يجعلهم أحيانا يستعيضون عنها بالدخول في دوامة العنف، أو السرقة، أو بيع أجسادهن، (وهو ما يمكن أن نفهم منه تعاظم وثيرة الدعارة في المغرب بشكل رهيب)، أو الارتماء في عالم المخدرات، والمتابعة الهستيرية لمباريات كرة القدم، وفي بعض الأحيان الوصول إلى حد الانتحار أو التفكير في الانتحار... أو حتى في الدخول في حالات من "السكيزوفرينيا" أو "الباتولوجيا" المرضية. ولعل "التشرميل" أحد أوجهها التي طفت في السطح المغربي حاليا، والتي لا يمكن فصلها عن مجموع الظواهر المرضية التي يمر بها المجتمع المغربي الحالي.
وبكل تأكيد، فالتخوف مشروع في انتقال الممارسات "التشرميل" إلى بقية أفراد الفئة الهشة على المستوى القيمي الأخلاقي، والتي تعاني من فراغ أو خواء فكري وقيمي، والأخطر روحي وديني وتربوي، مما ينذر بتوحلها إلى نوع من المقبولية الشبابية والمراهقية، والتي تعني أن فئة الشباب والمراهقين، تستهويها مثل هذه التصرفات، إما بدافع المحاكاة-غير الواعية في أغلب الحالات-، أو بدافع الشهرة وإبراز الذات، والتفاخر الطقوسي الغرائبي. "فكل مثير محبوب". وليس غريبا أن يلتقط الشباب هذه الممارسات، التي ظهرت في وسط حضري مثقل بالتوعكات السوسيو-ثقافية والسوسيو-اجتماعية والسوسيو-اقتصادية هو"درب السلطان"، وأن يتم ترويجها على أوسع نطاق، بفضل الشبكات الاجتماعية الحديثة.
ولعل ما يثير التخوف، هو أن انهيار السلطة في المجتمع (بمعناه الواسع)، سيعمق أكثر من ذيوع هذه الأنواع من الممارسات المتطرفة والشاذة والغريبة على مجتمعنا المغربي. طبعا نسجل أن هناك رد فعل قوي للجهاز الأمني، في التدخل السريع لإيقاف النزيف، لكنه غير كاف في المسألة.

وفيما يتعلق بالحلول، أعتقد أن هذه الظواهر تحتاج إلى عمل نوعي ومتتابع في الزمان والمكان وعبر المراحل السوسيو-تاريخية. ونحن نعتقد أننا بحاجة أولا وأخيرا، إلى رؤية مجتمعية واضحة لما نريده بالمواطن المغربي، وبالشاب المغربي وبالمراهق المغربي. ومن ثم يجب أن تكون لنا القدرة على خلق البيئات الملازمة لصناعة الإنسان/ المواطن، الإنسان المغربي المعتز بهويته الدينية، وبحضارته الثقافية المغربية الأصيلة والمتشبع بالقيم الكونية السامية والنبيلة. وهذا الأمر، نعتقد أنه يجب أن يصبح سيمفونية يعزفها الكل: الأسرة، الروض، المدرسة، الجامعة، الإعلام، المجتمع المدني، وغيرها من المؤسسات المجتمعية، سواء الرسمية أو غيرها.. والأهم من ذلك، أن يكون لنا طموح جماعي يستنهض القيم المحركة والايجابية لربح رهان التحديات التي تواجهنا.
أخيرا، هناك مسألة الحلول الاستباقية، وهي الأقدر على تجنبينا أو على الأقل التخفيف من حدة هذه الظواهر والممارسات، التي تكلفنا الشيء الكثير. فعلى سبيل المثال، يمكننا في هذا الصدد أن نطرح فكرة تنموية توصل إليها خبراء التنمية العالميين، وهي أن الاستثمار في الرأسمال البشري، لا يضاهيها أي استثمار، وأنها من الناحية المادية / الاقتصادية الصرفة، تعد أفضل السبل للتقليل من القيود المادية التي تشرط وضعنا الحالي. بمعنى آخر، كلما عبئنا واستثمرنا أموالا وميزانيات مهمة، في توجيهها للكتلة الحرجة وهي الشباب والمراهقين، كلما كانت نواتجه أقل من كل الميزانيات التي قد نحتاجها في المجال الصحي أو في المجال العقلاني بمعناه الضيق "السجن" أو الأمني في تعبئة الكثير من الموارد والطواقم لمواجهة هذه الظواهر. فالأمر من الناحية الاقتصادية بين كلا الاختيارين، يرجح الاختيار الأول، ألاّ وهو تنمية السلوك المدني عند الشباب.


بقلم  د : "رشيد جرموني" باحث في علم الاجتماع

vendredi 19 décembre 2014

لماذا نقرأ؟


  •  لماذا نقرأ؟


ما الذي يمكن أن يجنيه المرء من وراء القراءة؟ سؤال تبدو الإجابة عنه شديدة البداهة بالنسبة لمن تعوّد تلك العملية الشاقة والمرهقة والمسماة قراءة . ولبساطة السؤال ربما لم يتوقف أحدهم يوماً ليفكر فيه مطولاً، وهو الشعور الذي ينتاب من يقتني كتاب الناقد الأمريكي هارولد بلوم “كيف نقرأ ولماذا؟”، حيث يظل الكتاب قابعاً في مكانه لفترة طويلة، وينتابنا التفكير كثيراً في الإضافة التي من الممكن أن نحصل عليها من كتاب يحمل عنواناً مثل هذا .
القراءة تبني الوعي، وتزيد معرفة الفرد بالعالم من حوله، أداة لبناء العقل، وسيلة للنهوض والتقدم . . . . الخ، أجوبة كثيرة ستجدها تقفز من الذاكرة، إذا حاولت تجميع ما طالعته هنا أو هناك عن هذا الموضوع الذي نطرحه بصورة عابرة في مقال أو دراسة، ونناقشه غالباً بطريقة مدرسية مملة، ربما تدفع من يتابع مثل هذا النقاش إلى النفور من القراءة نفسها .
القراءة لدى بلوم، عالم آخر تماماً، هو يضعنا أمام ذواتنا التي تورطت فيها يوماً حتى أصبحت أسيرة لها، يستعير بلوم مقولة “كافكا” عن الكتاب الجيد الذي يجب أن يكون فأساً جليدية لكي تكسر هذا البحر الذي تجمّد داخلنا، ففي كل كتاب عبقري نتعرف إلى أفكارنا “نحن” المرفوضة، تلك الأفكار التي تتشكل ببطء لتؤسس لذلك الجليد .
القراءة فعل تمرد مستمر للخروج على العادي والنمطي والمكرر المحيط بنا يومياً، كشف لما نحاول أن نخفيه، أو ربما لا ندرك أنه يقبع في جبل ضخم يغمر الماء معظمه ولا يظهر منه إلا القمة، وهو ما أطلق عليه فرويد مرة اللاوعي . القراءة تمنحنا طمأنينة أننا لسنا وحدنا في هذا العالم، فهناك من يشعر بما نحس به، مهما اعتقدنا أنه يتسم بالغرابة . . . القراءة تتحول إلى صمام أمان لنا وللآخرين في الوقت نفسه، تعطينا سلاماً داخلياً وثقة أكبر بالنفس .
القراءة حاجة داخلية أولاً وقبل أي شيء آخر، وهذا ما يؤكده بلوم . ففي شروحاته طوال الكتاب حول أعلام الأدب في القصة والرواية والمسرح والشعر، يرسخ لفتنة القراءة تلك التي تنطلق أولاً من محاولة هؤلاء فهم الذات والاقتراب من دواخل أكبر عدد من البشر الذين لا يمكننا مقابلتهم في الواقع، وعلى هذا الأساس لا يهتم بلوم بمسرح شكسبير من الزاوية الفنية، بل يركز على قدرة مبدع هاملت وعطيل والملك ليرعلى الاقتراب من الزوايا والأركان المنسية في أعماقنا، والتي توجد فيها بالضرورة بعض ملامح هذه الشخصيات . وبخلاف شكسبير هناك تشيخوف وموباسان وسرفانتس وبروست وملفيل وغيرهم الكثير .
القراءة متعة وتوسيع لرقعة الحياة، وتفعيل لحس السخرية الذي إذا أصابه العطب فسيموت الجانب المتحضر فينا . أما الشخص الذي يقرأ فيجب أن يكون “مبتكراً”، فليس كل من يطالع كتاباً بقارىء، فهذا الأخير لا يمكن أن يتكون إلا عبر سنوات من المتابعة والتراكم الدؤوب، الأمر الذي يتطلب البحث والتنقيب والكتاب الذي يقود إلى آخر، والكتاب الذي يثير فكرة، والكتاب الذي يفجّر قضية، والكتاب الذي نقرؤه أكثر من مرة، والكتاب الذي يؤثر فينا بقوة، وربما يغير الكثير من قناعاتنا، والكتاب الذي نعود إليه مرات، لأننا نحتاج إلى معلومة أو اقتباس أو عزاء ما لموقف نعايشه . . .الخ، والكتاب الذي نحتاج لكي نفهمه إلى كتب عدة ممهدة ومؤدية إليه، والكتاب الذي يعلق في ذاكرتنا، والكتاب الذي لا يثير فينا شيئاً للوهلة الأولى ثم نكتشف أهميته في ما بعد، والكتاب الذي نشغف به ثم نعرف سطحيته لاحقاً، والكتاب الذي نتعب في الحصول عليه، ربما قبل الانترنت، والكتاب الذي يهدى إلينا لوضعه جانباً، والكتب التي نتخلص منها بين فترة وأخرى، فينتج من جراء هذا القدرة على انتقاء الكتب، والتثاقف الذهني مع الأفكار التي تتضمنها أو الانفعال العاطفي مع الأحاسيس التي تثيرها، القراءة وفق هذه العملية الطويلة والمعقدة تؤكد معنى أن القارىء الحقيقي لابد من أن يكون مبتكراً .
“لماذا نقرأ؟”، سؤال تمثل الإجابة عنه، معرفة متكاملة بنوازعنا وشخصيتنا، وليست حصة مدرسية نطالع فيها: العوامل التي تدفع إلى القراءة منذ الصغر، والفوائد التي تعود علينا من جراء القراءة، الأهمية التي سيجنيها المجتمع من وراء القراءة، وليست فرصة لإبراز كمّ ما حصّله أي منا في حياته من معلومات وقراءات يتباهى بها في هذا الحوار أو ذاك اللقاء، ثم يظهر الخواء في الناتج الإبداعي، وليست محاولة للاقتراب من عاهة تؤكد أننا أقل شعوب الأرض قراءة، فربما تمارس قلة ضئيلة فعل القراءة بدأب وصدق وتشد الجميع إلى الأمام، إذا توافرت النية والشروط الصحية .
أفكار عدة يثيرها الكتاب، منها ما يتعلق بضرورة مراجعة تعاطينا مع مسألة “القراءة”، أو ما نراكمه بداخلنا تجاهها، ولا نحسن التعبير عنه، ومنها ما يرتبط بغياب كتابات عربية تتحدث عن جماليات فعل القراءة نفسه والإشباعات التي نحققها من ورائه، أما ما يخص رصد تجليات القراءة، سواء كان من خلال دراسة انعكاس الترجمة المتسارعة أو الانفتاح غير المسبوق على العالم عبر وسائل لم تكن متوفرة سابقاً، في كتب تصدر يومياً ونجدها على أرفف المكتبات المختلفة فمسألة تحتاج إلى سؤالين رديفين إذا فعّلنا حس السخرية: ماذا نقرأ؟، وماذا نكتب؟، ولكنها تظل في النهاية سخرية بمذاق المرارة .

د. محمد إسماعيل زاهر


قراءة أولية فى المقاربة الدينية: لإيميل دوركايم


        قراءة أولية فى المقاربة الدينية: "لإيميل دوركايم" 



يعتبر دوركايم احد اهم علماء الاجتماع اللذين قاموا بدراسة ابعاد الدين فى المجتمع حيث اعتبره ظاهرة كباقي الظواهر الاجتماعية ; كما اعتبر ان تعريف هذه الظاهرة من اصعب الوظائف التى يمكن ان ينتذب عالم الاجتماع نفسه للقيام بها وذلك لتعدد الممارسات الدينية وكثرتها .
وقد انتقد بعض التعريفات السابقة لدين كتعريف تايلر " الايمان بكائنات روحية او حية " وماكس موللر " محاولة تصور ما لا يمكن تصوره ; عما لايمكن التعبير عنه ; هو التطلع الى اللانهائي وهو حب الله "فدوركايم انتقد هذين التعريفين على اعتبار انهما يحللان الدين بارجاع مصدره الى الاله وهو مايتنافى مع الفكرة التى يريد ان يقررها فى ان ارجاع الدين الى اله يعيق ايجاد بديل يحقق التماسك الاجتماعي فى المجتمع الحديث ; لذا يرى انه لايمكن تعريف الدين وفق هذه الفكرة فقط وقد عرفه اي الدين كالتالي " هو نسق من المعتقدات والممارسات متصل بالاشياء المقدسة ومعزول عن الوسط الدنيوي اي محاط بشتى انواع التحريم وهذه المعتقدات والممارسات تجمع كل المومنين بها فى جماعة اخلاقية واحدة تسمى الكنيسة "
وقد قام دوركايم بدراسة الدين فى اكثر المجتمعات بدائية (استراليا ) لان معتقداتهم الدينية بسيطة يمكن اكتشاف اجزائها اضافة الى انه لايتغلغل فى البناء الاجتماعي وعمم مفهوم الاله عند المجتمع البدائي على مجمل الفكرة الدينية فاعتبر ان الظاهرة الدينية هى خضوع للمجتمع او للافراد اللذين اسسوا الدين " الضمير الجمعي " وان عبادة الالهة ليست سوى اسقاطات لسلطة المجتمع وقوته وتوصل الى ان الدين من صنع المجتمع ونفى فكرة الاله واعتقد ان المقصد من الدين هو الحفاظ على التماسك الاجتماعي من خلال الانظباط والاحتفالات الدينية التى تجمع الناس اما فى المجتمع الحديث  فان التماسك الاجتماعي ينبغى ان يتحقق عبر بدائل عقلانية مثل الوعي الاجتماعي او القوانين الاخلاقية و الوحدة السياسية .
هذا و عالج دوركايم الظاهرة الدينية من خلال نظرية الطوطم وهو اسم ماخود من لغة الهنود الحمر فى امريكا الشمالية حيث يعتبر اسم لنوع من النبات او الحيوان تعتبره العشيرة رمزها او شعارها وتعتقد انها متصلة به وتشاركه خصائصه وصفاته وعليها حمايته . مثلا اذا كان طوطم العشيرة نسرا فان الفرد سيعتقد بانه يتميز بقوة الابصار مثل طوطمه النسر وعليه ان يحمى النسور ولا يقوم بدبحهم او تناول لحومهم .
وينقسم الطوطم الى اربعة انواع:
طوطم العام او طوطم الاتحاد : وهو طوطم عام تتحد حوله مختلف العشائر فى المجتمع الواحد وهو العلم الذي يحمل فى القتال ويدافعون عنه ويضعون على رؤوسهم بعضا من اجزائه واعضائه.
طوطم العشيرة : لكل عشيرة طوطمها الخاص .
طوطم الخاص بالفرد: يوجد لكل فرد فى العشيرة طوطم خاص به
طوطم الجنسي : وهو خاص اما بالرجال او النساء.
وتجد الاشارة الى ان الفرق بين طوطم العشيرة و طوطم الفردي ان الاول جمعي و وراثي والثاني فردي واختياري.
ومن خلال دراسته لطوطم توصل دور كايم الى بناء فكري نظري تتجلى اهم نتائجه فى ان العلاقات بين الافراد فى المجتمع البدائي تتم على اساس اشتراكه فى الاسم والرمز الطوطمي وليس على المعاشرة او صلة الدم .
الطوطم دليل على الاقرار بوجود علاقات حميمية بين مجموعات بشرية معينة وهذا الاقرار يفضي الى نوع من التقسيم الاجتماعي الى طوائف ; والى خلق طقوس خاصة بكل طائفة هذا من شانه ان يربط طائفة باخرى لها شبه او تقارب فى الطوطم .
من لا ينتمون الى العشيرة يمكن ان ياكلوا من الطوطم بحرية بعكس من ينتمون اليها اي العشيرة فهي تعتبره محرما وتاكل منه بتقتير شديد حتى عندما تسمح مناسبة الوجبة المقدسة الدورية بذالك .
لكل طوطم محسوس صورة رمزية وغيبية تدعى المانا mana وهو مصطلح ماخود من قبيلة ميلانزيا فى جزر المحيط الهادئ وقد عرفها دوركايم بانها الاحساس بقوة غيبية طاغية موجودة فى كل الموجودات والاشخاص دون ان تختلط بها وهي اسبق من الموجودات وباقية بعدها.
وهذه القوة الخفية تعمل بذاتها وبحرية تامة وتنتقل من الاشياء الى الانسان او العكس ,ويمكن ان تعتبر المانا هي الاله الذى تتجه اليه العشيرة بالقرابين والطقوس عن طريق عبادة شكله الخارجي " الطوطم " بالتالي فتقديس الانسان البدائي لطوطم هو تعظيم لقوة المانا .
تعظيم الطوطم يوقظ المشاعر المتشابهة بين المومنين فى العشيرة الواحدة وهذه المشاعر تشكل الطبيعة المقدسة لطوطم .
تتجلى مشاعر المومنين بالطوطم فى الاحتفالات التى تمنح القوة الخارقة للفرد وتبن له وجود عالمين غير متجانسين عالم الرتابة اي العالم الدنيوى والعالم المقدس .
يتم دخول البدائي الى العالم المقدس عن طريق مجموعة من الطقوس والاحتفالات الصاخبة كالرقص والصراخ و تتولد الفكرة الدينية لدى البدائي من تقديس الطوطم الذي ينتمى اليه ويحتفل به وهو بذلك يقدس قوة المجتمع الذي اقر بالطوطم وشرع الاحتفال به , ومن ثم فان الفكرة الدينية حسب دور كايم وليدة المجتمع وليس الطوطم او الاله كما يعتقد البدائي وغيره من المتدينين قديما وحديثا .
واثناء دراسته لظاهرة الدينية استخدم دوركايم بعض المصطلحات كالمقدس والمدنس والضمير الجمعي.
المقدس: يقصد بها الاشياء التى تحضى بالاحترام وتخضع لحماية الدين ولا يحق انتهاكها او الخروج عليها. ودائرة الاشياء المقدسة تتغير بشكل كبير تبعا للاديان .
المدنس: يشتمل على كل جوانب الحياة اليومية العامة النفعية والدنيوية .
الضمير الجمعي: وهو مصدر الدين وياتي من المجتمع وفى الحالة التى درسها دوركايم هذا يعنى ان العشيرة هى المصدر المطلق للدين و هى تخلق الطوطم من خلال الانفعال الجمعي وهو لم يوضحه  جيدا فى كتاب الاشكال الاولية للحياة الدينية لكن ما يمكن استخلاصه ان الانفعال الجمعي هو اللحظات الكبرى فى التاريخ التى امكن فيها للجماعة تحقيق تغيرات كبرى فى بنية المجتمع كالاصلاح الديني وعصر النهضة فى اوربا , حيث تعتبر نماذج لفترات تاريخية كان فيها للانفعال الجمعي اثر مشهود على بنية المجتمع .
وقبل الختام يمكن ان نشير الى التميز الذى وضعه دوركايم بين الدين والسحر فان كان هذا الاخير مجموعة من الطرق الغير عقلانية من وجهة نظر العلم والتى من خلالها يبحث الافراد للوصل او لتجنب بعض نتائج نشاطاتهم فانها لم تستطع انتاج مؤسسات مثل الكنيسة بل اكتفت بانتاج علاقات بين الساحر وزبونه على عكس الدين الذى استطاع انتاج مؤسسات وتنظيمات .
وهكذا حاول دوركايم ان يقدم لنا تحليلا دقيقا لصور ومصادر وطبيعة واثار الدين وحاول ايضا ان يبحث عن اصله وذلك من خلال تحليله لاكثر المجتمعات بدائية من خلال نظرية الطوطم ومع ذلك واجه مجموعة من الانتقادات تجلت ابرزها فى كون الطوطمية ماهي الا نظام اجتماعي فقط. اي لا دليل على ان الطوطمية هي اقدم ديانة بشرية او انها مصدر الدين البدائي ,كما توصل بعض الباحثين الى ان قبائل استراليا الجنوبية اقدم من القبائل التى قام دوركايم بدراستها وهى لا تعتقد بالطوطم بل تعتقد باله واحد , كل هذه الانتقادات جعلتنا نتساءل ونحن فى عصرنا الحديث بعد مرور حولي قرن ونصف من الزمن على كتاب الاشكال الاولية للحياة الدينية ومع كل ما شهده العالم من تغيرات منذ ذلك الوقت هل الافكار التى تطرح فى هذا الكتاب يمكن اسقاطها على عصرنا الحاضر وهل الدين اليوم يحضى بنفس الاهمية التى كان يحضى بها بالامس؟وهل يمكن تخيل مجتمع بدون دين ؟ اخيرا هل هناك بديل عقلي للدين يؤدي نفس وظيفة الدين فى المجتمع ويحقق التماسك الاجتماعي ؟.
جميع الحقوق محفوظة © 2013 نبرات فكرية ثقافية