samedi 20 décembre 2014
هكذا تحاور بورديو ...
و الحال أن العدة النظرية بدون ميدان – تعتمل فيه الوقائع و الظواهر الإجتماعية- عمياء, و الواقع بدون عدة نظرية أجوف.
غير أن السوسيولوجيا لا تدعي لنفسها الفهم الدوغمائي و النهائي للتجربة الحقلية , و بالتالي فهي قادرة على طرح بديل للهشاشة و الأعطاب المجتمعية . بقدر ما تضع نفسها على عتبة الفهم , فهي مجرد خطوة أولى على طريق الفهم و التفسير.
و الجدير بالذكر أن ثمة علاقة تقوم أثناء الإستجواب بين المستجوب و المستجوب . هذه العلاقة التي لا يمكن توقع مجراها و لا نتائجها , فهي تمثل حقل تأثير و تأثر بين سوسيولوجي ليس بالضرورة مصلحا اجتماعيا و لا ينفعل وجدانيا مع ظاهرة العسر و العطب الإجتماعي , يدرس الحقل بحذر إبستمولوجي كبير و بحياد و برود كبيرين , و بين مستجوب يعيش الأزمة تتعالى زفراته و سخطه . أتراه قادرا على التعبير عما يعتمل داخله ؟ وهل بمقدوره الكشف عن ذلك و التعبير عنه بشكل يمكن المحقق من فهم وتحليل الظاهرة ؟
كل هذه الإلتواءات و المطبات الفكرية و الميدانية المعقدة دفعت ببورديو إلى إقامة مقاربة معرفية علمية لا علموية مادتها احتياطات منهجية و علمية و عدتها البراديغم السوسيولوجي الصارم .
كما أسلفنا الذكر تنشأ ثمة علاقة بين المستجوب و المستجوب , هذه الأخيرة التي تطرح أكثر من علامة استفهام , إذ تترك لا محالة آثارا على المستجوب و على رؤيته الشخصية للحوار في عموميته , جدواه و ضرورته . خصوصا و أن الحوار أو التحقيق المراد إنجازه لكشف مكامن العطب و العسر اللذين يعاني منهما غالبا ما يعتبره تسللا إلى عالمه الشخصي.
و لعل اختلاف المستوى الثقافي و اللغوي – الرساميل الرمزية- و المكانة الإجتماعية أو المهنية المتميزة التي قد يشغلها المحاور تزيد من صعوبة عمله كباحث سوسيولوجي .
ووعيا من الباحث السوسيولوجي بأهمية الحوار و دوره في الكشف عن المخفي المجسد للعطب الإجتماعي , يرى بورديو أن المحاور عليه أن يلم بالوضع الكلي للتحقيق و المحاورة عبر محاولة الدخول إلى عالم المستجوب بتبني لغته و خطابه و تاريخه الخاص إن أمكن , مما يمكن من إحداث نوع من التكيف Adaptation يقحم المحاور في وجهات نظر و مشاعر و أفكار المحاور.
و الحال أن المستجوب يجد نفسه منخرطا بشكل طواعي في الحوار باعتباره عاملا أثيرا في عملية البناء النظري لبداية و نهاية التحقيق . فالحوار الناجح في نظر بورديو هو الذي يتكون عير سلسلة من الحوارات المضنية المقيدة بالبراديغم الصارم , و ليس ذاك الذي يتسارع البعض إلى إنجازه عبر لقاء أو إثنين ظانين أن الحظ حالفهم من أول وهلة .
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
تابعنا على الفيسبوك
https://www.facebook.com/pages/نبرات-فكرية-ثقافية/321142054751630?ref=hl
المشاركات الشائعة
-
قراءة أولية فى المقاربة الدينية: "لإيميل دوركايم" يعتبر دوركايم احد اهم علماء الاجتماع اللذين قاموا بدرا...
-
لماذا نقرأ؟ ما الذي يمكن أن يجنيه المرء من وراء القراءة؟ سؤال تبدو الإجابة عنه شديدة البداهة بالنسبة لمن تعوّد تلك العملية الشاق...
-
تأملات سوسيولوجية في ظاهرة "التشرميل" كي نقترب من سلوك ما يسمى "بالتشرميل" يجب أن نفهمه في سياق التحولات ال...
-
"هكذا تحاور بورديو ..." مقدمة: إن السوسيولوجيا تتأسس علميا و موضوعيا على ” الإجتماعي” . هذا الأساس الذي ترتكز عليه...
Aucun commentaire:
اضافة تعليق